أحدها: حصرُ أوصافِ المحلِّ، وهو المعبرُ عنه بالتقسيم.
ثانيهما: إبطالُ ما ليس صالحًا للتعليلِ بطريقٍ من طرقِ الإبطالِ الآتية، فيتعينُ الوصفُ الباقي، وهو المعبَّرُ عنه بالسبر.
فإذا عرفتَ معنى هذا المسلكِ، فاعلمْ أنَّ خلاصته ما ذكره فيه المؤلفُ أنَّ أبا الخطَّاب اشترطَ في هذا المسلكِ إجماعَ الأمةِ على أنَّ الأصل المقيس عليه مُعَلَّلٌ، أي غير تعبديٍّ، مع الاختلافِ في تعيين العلة، فيبطل المستدلُّ بالسبرِ جميع ما قالوه إلا واحدةً فيعلم صحتها، كي لا يخرج الحق عن أقاويل الأمة.
فنقول: الحكمُ معلَّلٌّ ولا علة فيه إلا كذا وكذا، وقد بطل أحدهما فيتعينُ الآخرُ.
كأنْ يقولَ الحنبليُّ -مثلًا-: علةُ تحريم الربا إمَّا الكيل وإمَّا الطعمُ وإمَّا الاقتياتُ والادخار، فيبطلُ ما سوى الكيلِ، فيتعين الكيلُ.
فهذا المسلكُ متأسِّسٌ على ثلاثةِ أمورٍ -على ما درج عليه المؤلفُ-:
الأول: الإجماعُ على كونِ حكمِ الأصلِ معللًا.
الثاني: كونُ التقسيم حاصرًا لجميع ما يعلل به، وذلك إمَّا بموافقةِ الخصمِ أو عدمِ إبدائه وصفًا زائدًا، سواء أقرَّ بالعجزِ عن ذلك، أو ادعاهُ وامتنعَ عن ذكره.