وجودُ الوصفِ دون الحكم. وسيأتي إيضاحُه في القوادح إنْ شاء اللَّه.
واعلمْ أنَّ المؤلفَ ذكر أنَّه لا يكفي في حصر الأوصافِ أنْ يقول المستدلُّ: بحثتُ فلم أجدْ إلا هذا، وأنَّه لا يكفي في الإبطال أنْ يقول: بحثتُ في الوصفِ الفلاني فما عثرتُ فيه على مناسبةٍ؛ لأنَّ الخصمَ يُعارضُ بمثلِ ذلك.
ثم قال المؤلفُ (١): (فإنْ بيَّن صلاحيةَ ما يدَّعيه علةً، أو سَلَّمَ له الخصمُ ذلك، فإنَّه يكفيه ابتداءً بدون السبر، فالسبرُ إذًا تطويل طريقٍ غير مفيدٍ، فلنصطلح على ردِّه).
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-:
أكثر المالكية والشافعية على الاكتفاء بقوله:"بحثتُ فلم أجدْ غيرَ هذا، أو عدم ما سوى هذا الأصل"، وعليه فالسبرُ ليس تطويلَ طريقٍ.
ومما يوضحُ ذلك إطباقُ النظَّار على أنَّ مِنْ أعظمِ طرقِ الحصرِ العقلُ والاستقراء، فالاستقراءُ مِنْ طرق الحصر قطعًا، وقوله:"بحثت فلم أجدْ غيرَ هذا" استقراءٌ منه لأوصافِ المحلِّ حتى لم يجدْ غير تلك الأوصاف التي حصرها بالاستقراء، فردُّ هذا الحصر لا وجه له.
والأكثرُ منهم يثبتُ به الحجة للناظر والمناظر معًا، ولا يشترطون الإجماعَ على تعليلِ حكم الأصل؛ لأنَّ الغالبَ في الأحكامِ التعليلُ، خلافًا لأبي الخطَّاب.