للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النيةِ، وإن لم يطَّلعْ على ذلك المناسب.

ومنها: تشبيهُ الأرز والزبيب بالتمرِ والبرِّ لكونهما مطعومينِ أو قوتين، فإنَّ ذلك إذا قوبل بالتشبيهِ بكونهما مقدَّرين أو مكيلين ظهر الفرقُ، إذ يعلمُ أنَّ الربا ثبتَ لسرٍّ ومصلحةٍ، والطعمُ والقوتُ وصفٌ ينبئ عن معنًى به قوامُ النفسِ، والأغلبُ على الظنِّ أنَّ تلك المصلحةَ في ضمنهما لا في ضمن الكيلِ الذي هو عبار عن تقديرِ الأجسام.

إلى غير ذلك مِنْ أمثلته لهذا النوعِ المذكور.

وقد أوضح مسلك الشبه جماعةٌ من أهل الأصول بأنَّه هو ما كان الوصفُ الجامعُ فيه مستلزمٌ للوصفِ المناسب.

وإيضاحُه: أنَّ نفس الوصفِ الجامع ليس مناسبًا بالذاتِ، ولكنَّه مناسبٌ بالتبعِ، أي مستلزمٌ للوصفِ المناسب، وقد شهدَ الشرعُ بتأثير الجنس القريب لذلك الوصف في الجنس القريبِ لذلك الحكم.

ومثَّلوا لذلك بأمثلة:

ومنها: قولهم في الخلِّ: مائعٌ لا تبنى القنطرةُ على جنسه، فلا تحصلُ به الطهارةُ، قياسًا على الدهن.

فقولهم: لا تبنى القنطرةُ على جنسه، ليس مناسبًا في ذاته، لكنَّه مستلزمٌ للمناسب؛ لأنَّ العادةَ أنَّ القنطرةَ لا تبنى على الأشياءِ القليلةِ بل على الكثيرةِ كالأنهار، فالقلةُ مناسبة لعدمِ مشروعيةِ المتصفِ بها من المائعاتِ للطهارة العامة؛ لأنَّ الشرعَ العامَّ يقتضي أن تكون أسبابُه عامَّة الوجود، أمَّا تكليفُ جميع الناسِ بما لا يجدُه إلّا بعضهم فبعيدٌ عن

<<  <   >  >>