للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو أراد المستدلُّ أنْ يثبتَ حكمَ الأصل بالقياسِ على محلٍّ آخر، فقيل: لم يجز له ذلك، وهو اختيارُ المؤلف.

وقيل: يجوزُ، وعزاه المؤلفُ لبعضِ الأصحاب من الحنابلةِ، وهو مذهبُ مالك، وعليه درج في "المراقي" بقوله:

وحكمُ الأصلِ قد يكونُ ملحقا ... لما من اعتبار الأدنى حققا

ومثاله: قياسُ الأرز على البرِّ في تحريم الربا، فيكونُ الأرزُ أصلًا ثابتًا بالقياسِ، فيقاسُ الذرة عليه -مثلًا-.

وقد يظهرُ لك أنَّ هذا تطويلٌ لا فائدةَ فيه، لإمكانِ قياس الكلِّ على الأصلِ الأول، كما احتجَّ به من قال بالمنع.

والقائلون به يقولون: قد يكونُ فيه فائدةٌ، ككونِ المقيسِ الثاني أقربَ إلى الأصل الثاني منه إلى الأول، واعتبارُ الأدنى مقصدٌ صحيحٌ.

وإليه الإشارةُ بقول صاحب "المراقي" المذكور آنفًا: "لما من اعتبار الأدنى حققا"، فيجوزُ مثلًا أنْ يكونَ الأرز أقرب إلى الذرة منه إلى البرِّ، فيقاسُ على الذرة لأنَّها أقربُ إليه من البرِّ بعد قياس الذرةِ على البرِّ.

والحاصلُ أنَّ المؤلفَ استدلَّ لمنع إثبات حكمِ الأصلِ بالقياسِ على محل آخر بأنَّه لا يخلو الحالُ مِن أحدِ أمرين:

الأول: أنْ تكونَ علةُ الأصل موجودةً في الفرع الثاني.

الثاني: أنْ تكونَ غيرَ موجودةٍ فيه.

<<  <   >  >>