للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنْ كانتْ موجودةً فيه، فاللازمُ قياسُ كلٍّ من الفرعينِ على الأصل. الأول، كأنْ تقيسَ كلًّا من الذرة والأرز على البرِّ الذي هو الأصلُ الأولُ بجامع الكيلِ -مثلًا-، لأنَّ قياسَ الذرةِ على البرِّ -مثلًا- ثم قياسَ الأرز على الذرةِ تطويلٌ لا فائدةَ فيه.

وأمَّا إنْ كانتْ غيرَ موجودةٍ فيه فلا يصحُّ القياسُ فيه؛ لأنَّه قد تبينَ ثبوتُ حكمِ الأصل الأولِ بعلةٍ غيرِ موجودةٍ في الفرع، ومن شرط القياس تساوي الفرع والأصل في العلة.

قال: ولا يمكنُ تعليل الحكمِ في الأصل الأول بغيرِ ما علله به في قياسه الأصل الثاني عليه، لأنَّ إبداء تلك العلة الثانيةِ فيه يقدحُ فيه كما سيأتي في القوادح.

واستدلَّ -أيضًا- لقول بعضِ أصحابه بجوازِ القياسِ على ما ثبتَ بالقياس، بأنَّه لمَّا ثبتَ بالقياس صار أصلًا ثابتًا في نفسه، فجاز القياسُ عليه كالثابتِ بالنصِّ ثمَّ قال: ولعل المرادَ بذلك ما ثبتَ بالقياسِ واتفقَ عليه الخصمان.

وقولُه في هذا المبحث (١): (فإنَّه لا يعتبرُ كونُ الأصل متفقًا عليه بين الأمة، فإنَّه إنْ لم يكنْ مجمعًا عليه فللخصمِ أن يعلل الحكم في الأصل بمعنًى مختصٍّ به لا يتعدى إلى الفرع، فإنْ ساعدهُ المستدلُّ على التعليلِ به انقطعَ القياسُ لعدمِ المعنى في الفرعِ، وإن لمْ يساعدهُ منع الحكمَ في الأصلِ، فبطلَ القياسُ، وسمُّوهُ "القياسَ المركب".


(١) (٣/ ٨٧٩).

<<  <   >  >>