ومثالُه: قياسنا العبد على المكاتَب، فنقولُ: العبدُ منقوصٌ بالرِّقِّ ولا يقتلُ به الحرُّ كالمكاتب، فيقولُ المخالفُ: العلةُ في المكاتب أنَّه لا يُعلمُ هل المستحِقُّ لدمه الوَارثُ أو السيد؟ فإنْ سلمتم ذلك امتنع قياسُ العبد عليه؛ لأنَّ مستحقَّه معلومٌ، وإنْ منعتم منعنا الحكمَ في المكاتبِ، فذهب الأصلُ، فبطل القياسُ. . .) الخ = لا يخلو من نظر فيما يظهرُ، واللَّه تعالى أعلم.
لأنَّ قوله:(وإن لم يساعده منع الحكمَ في الأصلِ، فبطل القياسُ، وسمَّوهُ القياسَ المركبَ) فيه نظرٌ؛ لأنه لا يعرفُ عند الأصوليين تسميةُ منع الحكمِ في الأصلِ بالقياسِ المركب، وليس القادحُ فيه التركيب، وإنَّما هو أحدُ أقسامِ المنعِ الأربعةِ الآتية.
والقدحُ به يسمى منعًا لا تركيبًا، وليس من قسمي المنع اللذينِ هما قسما القياسِ المركبِ -كما سيأتي إيضاحه-.
واعلمْ أنَّ إيضاح القياس المركب في اصطلاح أهل الأصول أنَّه قسمان:
أحدهما: يسمَّى مركب الأصل.
والثاني: يسمَّى مركبَ الوصف.
أمَّا مركبُ الأصلِ: فهو أنْ يتفق الخصمانِ على حكمِ الأصلِ، وعلى كونِ الوصفِ المدعى أنَّه علةٌ موجودةٌ فيه، ولكن كلُّ واحدٍ منهما يدير له علةً غيرَ علةِ الآخر.
كالاتفاقِ على تحريمِ الربا في البُرِّ، وعلى وجودِ وصف الكيلِ