للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المسائلِ التي تتخرجُ على القاعدةِ المذكورة: ما لو قال لامرأتِه: "أنتِ طالقٌ" مع آخر جزءٍ مِنْ الحيض. فهذا طلاقٌ صادف الحيضَ، وهو علةٌ لتحريم الطلاقِ، ولكن يستعقبُ العدةَ، فلا تطويلَ فيه. فالحكمةُ الموجبةُ للمنع التي هي التطويلُ منتفيةٌ هنا، فمنهم مَنْ نظر إلى المعنى وقال: هو سُنِّيٌّ، ومنهم مَنْ نظرَ إلى مظنَّةِ التطويلِ وهو الحيضُ، فقال: هو بدعيٌّ.

وكذلك لو قال لها: "أنتِ طالقٌ" مع آخر جزءٍ من الطهر.

فعلى أنَّ هذه المسائل المذكورةَ وأمثالها الكثيرةَ ينتفي فيها الحكمُ لانتفاء حكمتِه، فتخلفُ الحكمةِ عن الحكمِ كسرٌ قادحٌ في العلةِ، ولذا انتفى حكمُها بانتفاء الحكمة.

وعلى أنَّ الحكمَ فيها باقٍ مع انتفاء حكمته، فعلى قول من يقولُ: إنَّ هذا النوعَ من الكسرِ غيرُ قادحٍ، فلا إشكال.

وعلى قول من يقولُ: إنَّه قادحٌ، فالجوابُ عنده أنَّ هذه المسائلَ عُلِّقَ الحكمُ فيها بمظنَّةِ وجودِ الحكمةِ، والمعروفُ أنَّ المعلَّل بالمظانِّ لا يتخلفُ الحكمُ فيه بتخلفِ الحكمة؛ لأنَّ الحكمَ فيها منوطٌ بالمظنَّة. وأشار بعضُ أهل العلمِ إلى هذا بقوله:

إنْ عُللَ الحكمُ بعلةٍ غلبْ ... وجودُها اكتفى بذا عن الطلب

لها بكلِّ صورةٍ. . . ... . . . . . . . . . . . . . . .

وعليه، فالمانعُ من القدحِ بهذا النوع من الكسرِ إناطةُ الحكمِ بمظنَّةِ الحكمةِ لا بنفسِ الحكمة، وذلك لأنَّ نفس الحكمةِ ربما لا

<<  <   >  >>