للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أنواعِ الكسرِ: تخلفُ الحكمةِ (١) مع وجودِ الحكم. اختلف فيه: هل ينتفي فيه الحكمُ لانتفاء حكمته، أو لا ينتفي بناءً على أنَّ المعللَ بالمظانِّ لن يتخلفَ فيه الحكمُ بتخلفِ الحكمةِ نظرًا إلى إناطةِ الحكمِ بالمظنة؟

وإلى هذا الخلافِ أشار في "مراقي السعودِ" بقوله:

وفي ثبوتِ الحكمِ عند الانتفا ... للظنِّ والنفي خلافٌ عرفا

وقال في شرحِه لمراقي السعودِ المسمى بنشر البنود: "لكنَّ الفروعَ المبنيةَ على هذه القاعدةِ، منها ما رجح فيه ثبوتُ الحكمِ، كاستبراء الصغيرةِ، فإنَّ حكمةَ الاستبراء تحقُّقُ براءةَ الرحمِ، وهي متحققةٌ بدون الاستبراء. وكمن مسكنه على البحرِ ونزل منه في سفينةٍ قطعتْ به مسافةَ القصرِ في لحظةٍ، فإنَّه يجوزُ له القصرُ في سفره هذا.

ومنها ما يرجحُ فيه انتفاء الحكمِ لانتفاء حكمته قطعًا، إلغاءً للمظنةِ مِنْ أصلها، أو بدليلٍ مخصوصٍ اقتضى إلغاء المظنَّةِ فيها.

وعلى هذا يتخرجُ كثيرٌ من المسائلِ، كشرعِ الاستنجاءِ من حصاةٍ لا بلل معها، والغسلِ من وضع الولدِ جافًّا، وعدمِ نقضِ الوضوء إذا لم توجد اللذَّةُ في اللمس بباطنِ الكفِّ أو الأصابع، والنقضِ بالقُبلةِ على الفمِ إذا لم توجد اللذةُ" اهـ. منه.


(١) المراد بالحكمة هنا: العلة، أي علة الحكم؛ لأن العلة تقدم أنها تطلق على سبب الحكم، كما تطلق على حكمة الحكم، فالعلة هنا المشقة، والحكمة التخفيف. "عطية".

<<  <   >  >>