قالوا: وحكمته ابتلاء الإنسان، هل يتوجَّه إلى الامتثال، ويتأسف على عدم القدرة، ويضمر أنه لو قدر لفعل، فيكون مطيعًا للَّه بقدر طاقته، أو لا يفعل ذلك فيكون في حكم العاصي.
ومنهم من يقول: لا يلزم ظهور الحكمة في أفعال اللَّه؛ لأنهم يزعمون أن أفعاله لا تعلل بالأغراض والحكم، وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى إيضاح إبطال ذلك في الكلام على علة القياس.
وأكثر المعتزلة وبعض أهل السنة منعوا التكليف بما لا يطاق عقلًا. قالوا: لأنَّ اللَّه يشرع الأحكام لحكم ومصالح، والتكليف بما لا يطاق لا فائدة فيه، فهو محال عقلًا.
أمَّا بالنسبة إلى الإمكان الشرعي ففي المسألة التفصيل المشارُ إليه آنفًا، وهو أن المستحيل أقسام، فالمستحيل عقلًا قسمان:
قسم مستحيل لذاته، كوجود شريك للَّه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرًا، وكاجتماع النقيضين والضدَّين في شيءٍ واحدٍ في وقتٍ واحد من جهةٍ واحدة، ويسمى هذا القسم: المستحيل الذاتي.
وإيضاحه: أنَّ العقل إما أن يقبل وجود الشيء فقط، أي ولا يقبل عدمه، أو يقبل عدمه فقط ولا يقبل وجوده، أو يقبلهما معًا، فإن قبل وجوده فقط ولم يقبل عدمه بحال فهو الواجب الذاتي المعروف بواجب الوجود، كذات اللَّه جل وعلا، متصفًا بصفات الكمال والجلال، وإن قبل عدمه فقط دون وجوده فهو المستحيل المعروف بالمستحيل عقلًا، كوجود شريك للَّه سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، وإنْ قبل العقل