للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له تقليدُ غيره. أمَّا القاصر في فنٍّ فهو كالعامِّيِّ فيه.

واعلم أنَّه إذا نصَّ المجتهد على حكمٍ في مسألةٍ لعلةٍ بيَّنها، فكلُّ وصفٍ توجد فيه تلك العلة فحكمُه حكمُ ما نصَّ عليه، فلأصحابه العارفين بمذهبه أن يحكموا عليها أنَّها كمذهبه، نظرًا للعلة الجامعة التي بيَّنها المجتهدُ.

فالمجتهد المقيَّد يُلْحِقُ ما سكت عنه إمامُه بما نصَّ عليه للعلة الجامعة، كما يفعله المجتهد المطلقُ بالنسبة إلى نصوص الشرع العامَّة.

ولأجل هذه القاعدة أوجب بعضُ المالكية الزكاة في التِّين مع أنَّ مالكًا لم يذكر في التين زكاةً، ومعلومٌ أنَّ علة الزكاة في الثمار عنده إنَّما هي الاقتياتُ والادخارُ، فلمَّا كان الاقتيات والادخار موجودًا في التين جعل بعض أصحابه الزكاة فيه كالزبيب بمقتضى علته المذكورة، ولذا قال ابن عبد البرِّ: أظنُّ مالكًا ما كان يعلم أنَّ التين ييبس ويقتات ويُدَّخَر، ولو كان يعلم ذلك لجعله كالزبيب، ولَمَا عدَّه مع الفواكه التي لا تيبس ولا تُدَّخَر كالرمَّان والفِرْسِك.

فإن لم يبيِّن المجتهدُ العلةَ لم يُجْعَلْ ذلك الحكمُ مذهبًا له في مسألة أخرى، وإن أشبهتها شبهًا يجوزُ خفاء مثله على بعض المجتهدين، إذ لا يدرى أنَّها لو خطرتْ ببالِه صار فيها إلى ذلك الحكم، بل قد يظهرُ له فرقٌ بينهما مع المشابهة.

وإنْ نصَّ المجتهدُ في مسألة واحدة على حكمين مختلفين، فإن

<<  <   >  >>