للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص/ ٨٥] أنَّها مدنية، مع أنَّها نزلت بالجحفة في سفر الهجرة، كما قاله غير واحد.

ومنها: كون أحد الخبرين جامعًا بين الحكم وعلته، مع أنَّ الآخر ليس كذلك؛ لأنَّ الجامع بين الحكم والعلة أقوى في الاهتمامِ بالحكم من الخبر الذي فيه الحكم دون علته.

كحديثِ البخاري: "مَنْ بدَّل دينَه فاقتلوه"، فهذا الحديث يدلُّ بمسلك الإيماء والتنبيه على أنَّ علة القتل هنا هي تبديلُ الدين، فيشملُ الذكر والأنثى، مع الحديثِ الصحيح الآخر أنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "نهى عن قتل النساء والصبيان"، ففيه الحكم دون ذكر العلة، فيقدم عليه الأول لذكر العلة مع الحكم، فيكون الأرجح قتل المرتدة، خلافًا لمن منع قتل النساء مطلقًا بالكفر، مرتداتٍ كنَّ أو حربياتٍ، كالحنفية.

ومعلوم أنَّ النصَّين المذكورين بينهما عمومٌ وخصوصٌ من وجه، والأعمَّان من وجهٍ يظهر تعارضهما في الصورة التي يجتمعان فيها، فيجب الترجيح، وهي هنا في المثالين: النساءُ المرتداتُ، فإنَّهنَّ يدخلن في عموم "مَنْ بدَّلَ دينَه فاقتلوه" بناء على ما هو الحقُّ من شمول لفظة "مَنْ" للأنثى، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ} الآية [الأحزاب/ ٣١]، {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ} الآية [الأحزاب/ ٣٠]، {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} الآية [النساء/ ١٢٤]، كما أنهنَّ يدخلن في عموم النهي عن قتل النساء الكافرات.

وإلى الترجيح بين الأعمَّين من وجهٍ أشار في "مراقي السعود" بقوله:

<<  <   >  >>