للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرةً أخرى بخلاف الباقي على عمومه.

ومثال هذه المسألة: قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} الآية [النساء/ ٢٣]، فإنَّه عامٌّ في كلِّ أختين سواء كان الجمع بينهما بنكاح أو بملك يمين، وهذا العامُّ لم يدخله تخصيصٌ، فهو مقدَّم على عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون/ ٥، ٦، المعارج/ ٢٩ - ٣٠]، فإنَّ قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} شاملٌ بعمومه للأختين، إلَّا أنَّ عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} دخله التخصيص؛ للإجماع على أنَّ عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} يخصُّه عموم {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء/ ٢٣]، فلا تحلُّ الأخت من الرضاعة بملك اليمين إجماعًا.

ويخصصه -أيضًا- عموم {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية [النساء/ ٢٢]، فلا تحلُّ موطوءة الأب بملك اليمين إجماعًا.

فإن قيل: عموم {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} مخصَّصٌ بعموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}.

فالجواب: أنَّ ذلك التخصيص هو محلُّ النزاع، والاستدلال بصورة النزاع ممنوعٌ بإطباق النظَّار، كما هو معلوم في محلّه.

فإن كان كلُّ واحد من العامَّين دخله تخصيصٌ، فالأقلُّ تخصيصًا مقدمٌ على الأكثر تخصيصًا.

<<  <   >  >>