للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام/ ١١٢].

الثالث: الترك، والتحقيقُ أنَّه فعلٌ، وهو كفُّ النفس وصرفُها عن المنهي عنه، خلافًا لمن زعم أن الترك أمر عدميٌّ لا وجود له، والعدم عبارة عن لا شيء.

والدليلُ على أن الترك فعلٌ الكتاب والسنة واللغة:

أما دلالةُ الكتاب على أن الترك فعل ففي آيات من القرآن العظيم، كقوله تعالى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)} [المائدة/ ٦٣].

فسمى اللَّه جل وعلا عدم نهي الربانيين والأحبار لهم صنعًا، والصنع أخصُّ مطلقًا من الفعل، فدلَّ على أنَّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فعلٌ، بدليل تسمية اللَّه له صنعًا.

وكقوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة/ ٧٩].

فسمَّى عدم تناهيهم عن المنكر فعلًا، وهو واضح، ولم أر من الأصوليين من انتبه لدلالة هذه الآيات على أن الترك فعل.

وقال السبكي في طبقاته: إنَّ قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان/ ٣٠] يدلُّ على أنَّ الترك فعل. قال: لأن الأخذَ التناولُ، والمهجور المتروك، فصار المعنى: تناولوه متروكًا، أي فعلوا تركه.

<<  <   >  >>