للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هكذا قال.

وأما دلالة السنة ففي أحاديث، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

فسمى ترك الأذى إسلامًا، وهو يدل على أن الترك فعل.

وأمَّا اللغة فكقول الراجز:

لئن قعدنا والنبيُّ يعملُ ... لذاك منا العمل المضلَّلُ

فمعنى "قعدنا" تركنا الاشتغال ببناء المسجد، وقد سمَّى هذا الترك عملًا في قوله: "لذاك منا العمل المضلل".

وينبني على الخلاف في الترك هل هو فعل أو لا؟ فروعٌ كثيرةٌ في المذاهب، كمن منع مضطرًّا فضل طعام أو شراب حتى مات، فعلى أن الترك فعل فإنه يضمن ديته، وعلى أنه ليس بفعل فلا ضمان عليه.

وكمن منع خيطًا ممَّن به جائفة حتى مات، ومن منع جاره فضل مائه حتى هلك زرعه، ومن منع صاحب جدار خاف سقوطه عُمُدًا عنه حتى سقط، ومن أمسك وثيقة حق حتى تلف الحقُّ.

وأمثال هذا كثيرة جدًّا في الفروع.

فعلى أنَّ الترك فعل فإنَّه يضمن في الجميع، وعلى أنه ليس بفعل فلا ضمان عليه.

وأشار إلى هذا صاحب مراقي السعود بقوله:

<<  <   >  >>