للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصلًا مستقلًّا، وإنَّما هي أصلٌ بالنسبة إلى إلحاقها بالبرِّ، فتكون فرعًا بالنسبة إلى البرِّ، وأصلًا آخر بالنسبة إلى الأرز في المثال المذكور.

وقد قدَّمنا أنَّ مثل هذا لا يجوز عنده، وأنَّ الصحيح جوازه، فلعله مشى أولًا على منعه، وثانيًا على جوازه، كما صنع في العلة القاصرة، فإنَّه أولًا ذكر منع التعليل بها، وأخيرًا ذكر جوازه. واللَّه تعالى أعلم.

وقول المؤلف (١): (أو يكون أحدهما اتفق على تعليله، والآخر اختلف فيه).

يمكن أن يمثَّل له بما لو قال أحدهما: ينبغي إزالة النجاسة عن المكان، قياسًا على إزالتها عن بدن الإنسان.

وقال الآخر: ينبغي إزالة النجاسة عن المكان، قياسًا على غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلبُ، فإنَّه لإزالةِ (٢) ما أصابه من نجاسة لعاب الكلب.

فإنَّ الأصل الأول وهو إزالتها من البدن مجمعٌ على أنَّه معلَّل بأنَّه ينبغي إزالة الأقذار عن البدن والنظافة منها، بخلاف غسل الإناء من ولوغ الكلب فهو مختلف في كونه معللًا، فالشافعيُّ يقول: علة غسل الإناء نجاسة لعاب الكلبِ، ومالك -مثلًا- يقول: لعاب الكلب طاهرٌ وغسلُ الإناء من ولوغه تعبديٌّ، وليس معللًا أصلًا، إذ لو كان معللًا لما احتاج إلى سبعٍ، كغسل سائر النجاسات، ولأنَّ لعاب الكلب


(١) (٣/ ١٠٤٥).
(٢) في الأصل المطبوع: فإن إزالة. ولعل المثبت هو الأشبه.

<<  <   >  >>