مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء/ ٢٤]، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف/ ٨٢]، {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}[الكهف/ ٧٧]، {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}[النساء/ ٤٣] و [المائدة/ ٦]، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى/ ٤٠]، {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة/ ١٩٤]، {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ}[الأحزاب/ ٥٧] أي أولياء اللَّه، وذلك كله مجاز؛ لأنه استعمال اللفظ في غير موضعه، ومن منع فقد كابر، ومن سلَّم وقال: لا أسميه مجازًا فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه).
معنى كلامه واضحٌ ظاهر.
واعلم أنَّ ممن منع القول بالمجاز في القرآن ابنُ خويز منداد من المالكية، وأبا الحسن الخرزي البغدادي الحنبلي، وأبا عبد اللَّه بن حامد، وأبا الفضل التميمي، وداود بن علي، وابنه أبا بكر، ومنذر بن سعيد البلوطي وألف فيه مصنفًا، وقد بينَّا أدلة منعه في القرآن في رسالتنا المسماة "منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز".
ومن أوضح الأدلة في ذلك أنَّ جميع القائلين بالمجاز متفقون على أن من الفوارق بينه وبين الحقيقة أنَّ المجاز يجوز نفيه باعتبار الحقيقة، دون الحقيقة فلا يجوز نفيها، فتقول لمن قال: رأيت أسدًا على فرسه، هو ليس بأسد وإنَّما هو رجل شجاع، والقول في القرآن بالمجاز يلزم منه أن في القرآن ما يجوز نفيه، وهو باطل قطعًا، وبهذا الباطل توصَّل المعطِّلون إلى نفي صفات الكمال والجلال الثابتة للَّه تعالى في كتابه وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بدعوى أنَّها مجاز، كقولهم في {اسْتَوَى}: استولى، وقس على ذلك غيره من نفيهم للصفات عن طريق المجاز.