للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء/ ٤٤]، فصرَّح بأننا لا نفقهه، وأمثال ذلك كثيرة في الكتاب والسنة.

وكذلك لا مانع من كون الإرادة تطلق في اللغة على معناها المعروف، وعلى مقاربة الشيء والميل إليه، فيكون معنى إرادة الجدار: ميله إلى السقوط وقربه منه، وهذا أسلوب عربي معروف، ومنه قول الراعي:

في مَهْمَهٍ قَلِقَتْ به هاماتها ... قلق الفؤوس إذا أردن نُصولا

وقول الآخر:

يريد الرمح صدر أبي براء ... ويعدل عن دماء بني عقيل

وكذلك قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} لا مجاز فيه، بل إطلاق اسم المحل على الحالِّ فيه وعكسه كلاهما أسلوب معروف من أساليب اللغة العربية، وكلاهما حقيقة في محله، كما أقروا بنظيره في أن نسخ العرف للحقيقة اللغوية لا يمنع من إطلاق اسم الحقيقة عليه، فيسمونه حقيقة عرفية.

وكذلك قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} الآية، لا مجاز فيه، وبذلك اعترف أكثر علماء البلاغة، حيث عدُّوا هذا النوع من البديع وسموه باسم المشاكلة، ومعلوم أن المجاز من فن البيان لا من فن البديع، فأكثرهم قالوا: إنَّ المشاكلة من البديع، كقوله:

قالوا اقترح شيئًا نجد لك طبخه ... قلت اطبخوا لي جبة وقميصًا

<<  <   >  >>