ونظيره قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦)} [العلق/ ١٦] والمراد صاحب الناصية التي هي مقدم شعر الرأس، وقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣)} [الغاشية/ ٢، ٣] مع أنَّ تلك الصفات لأصحاب الوجوه.
وقوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} فيه حذفُ مضافٍ، وحذفُ المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أسلوبٌ من أساليب اللغة معروف، عقده في الخلاصة بقوله:
وما يلي المضاف يأتي خلفا ... عنه في الاعراب إذا ما حُذِفا
والمضافُ المحذوف مدلولٌ عليه بدلالة الاقتضاء، وهي عند جماهير الأصوليين دلالةُ التزام، وليست من المجاز عندهم، كما هو معروف في محلَّه.
وقوله:{جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} لا مجاز فيه؛ إذْ لا مانع من حمل الإرادة في الآية على حقيقتها؛ لأنَّ للجمادات إرادات حقيقية يعلمها اللَّه جل وعلا، ونحن لا نعملها.
ويوضح ذلك حنين الجذع الذي كان يخطبُ عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا تحوَّل عنه إلى المنبر، وذلك الحنين ناشئ عن إرادة يعلمها اللَّه تعالى.
وقد ثبت في صحيح مسلم أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إني لأعرف حجرًا كان يسلمُ عليَّ في مكة".
وسلامه عليه عن إرادة يعلمُها اللَّه، ونحن لا نعلمُها، كما صرَّح اللَّه تعالى بذلك في قوله جل وعلا: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا