أقول: لما فرغ من مباحث مادة الحد وصورته وخللهما, ختم ذلك بخاتمة وهي: أن الحد - يعني الحقيقي - لا يحصل ببرهان, خلافًا لبعض القدماء, وظاهر كلامه أنه يمتنع أن يبرهن عليه فقط, وإن كان ما استدل به يعطي أنه [لا] يستدل عليه لا ببرهان ولا أمارة, ولكنه لا ينفي أن يثبت له بطريق القسمة, واحتج عليه بوجهين:
الأول: لو برهن عليه, لزم أن يكون حمل الشيء على نفسه مطلوبًا بالبرهان, والثاني باطل فالمقدم مثله, أما الملازمة؛ فلأن البرهان وسط بين المحكوم عليه وبه؛ لأنه مستلزم للحكم على المحكوم, وكل مستلزم واسطة لثبوت لازمه.
أو نقول: البرهان ذو وسط, والوسط يستلزم حكمًا على المحكوم, فلو قدر البرهان أو الوسط في إثبات الحد [للمحدود] , لكان الوسط مستلزمًا عين المحكوم عليه إن كان الحد مجموع الأجزاء المادية أو الصورية, أو جزؤه إن كان الحد بالمادية فقط, ومحال أن يتوقف ثبوت الشيء لنفسه أو ثبوت جزؤه له على غيره.
ولم يذكر المصنف غير الأول, بناءً على أن الحد مجموع الأجزاء المادية