وقال الكرخي مثل ذلك, إلا أنه زاد قيدًا, فقال: العام القطعي [لم] يضعف بالتجوز, فصرفه عن حقيقته إلى المجاز - لأن المخصص بالمنفصل مجاز عنده - والقطعي يترك بالظني إذا ضعف بالتجوز, إذ لا يبقى قطعيًا, إذ نسبته إلى جميع مراتب التجوز بالجواز بالسواء, وإن كان ظاهرًا في الباقي؛ فارتفع مانع القطع, وابن أبان مثل ذلك لما ذكر الكرخي.
والجواب: ما تقدم.
احتج القاضي: بأن كلا منهما قطعي من وجه ظني من وجه, فتعارضا فيجب الوقف.
الجواب: يرجح الخبر, لأن اعتباره جمع بين الدليلين, واعتبار الكتاب إبطال للخبر جملة, والجمع أولى من الإبطال.
قال:(مسألة: الإجماع يخصص القرآن والسنة, كتنصيف آية القذف على العبد, فلو عملوا بخلاف نص تضمن ناسخًا).
أقول: لم يختلفوا في أن الإجماع يخصص العموم, والمخصص في الحقيقة سنده, لعدم اعتباره زمن الوحي, وهذا كما خصوا آية القذف, فإن ظاهرها ثمانون للحر والعبد, وأوجبوا على العبد نصفها, أما لو عملوا بخلاف ما هو نص؛ فإن إجماعهم يتضمن ناسخًا, ومن ثَمّ قيل: الإجماع لا ينسخ به والفرق بين التخصيص به والنسخ لا يرجع إلى خلاف معنوي.