وفي صحيح مسلم أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة وهما يتذاكران أن المرأة تعتد بعد وفاة زوجها بليال, فقال ابن عباس: عدتها آخر الأجلين, وقال أبو سلمة: قد حلّت, فجعلا يتنازعان ذلك, قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي, يعني أبا سلمة.
الجواب: أن محل النزاع إذا اتفق الصحابة, وهنا إنما سوغوه مع اختلافهم, ولا يلزمه من اعتباره حيث اختلفوا اعتباره حيث اتفقوا.
قال: (مسألة: إجماع أهل المدينة من الصحابة والتابعين حجة عند مالك. فقيل: محمول على أن روايتهم مقدمة, وقيل: على المنقولات المستمرة, كالأذان والإقامة, والصحيح التعميم.
لنا: أن إجماع مثل هذا العدد الكثير من العلماء اللاحقين بالاجتهاد لا يجمعون إلا على راجح, فدل على أنه راجح.
فإن قيل: يجوز أن يكون متمسك غيرهم راجح, ولم يطلع عليه بعضهم.
قلنا: العادة تقتضي باطلاع الأكثر, والأكثر كاف فيما تقدم.
واستدل بنحو: «إن المدينة طيبة تنفي خبثها» , وهو بعيد, وبتشبيه عملهم بروايتهم.
وردّ: بأنه تمثيل لا دليل, مع أن الرواية ترجح بالكثرة بخلاف