وما قيل: من أن المثبت بالدليل بثبوت الحد للمحدود من حيث هو حد فيجب تصوره من هذه الحيثية, وتصوره بهذه الحيثية يوجب تصور المحدود بحقيقته, فيكون الدليل عليه موقوفًا على تصور المحدود بحقيقته فيلزم الدور فباطل, لأنا لا نسلم أن تصوره بتلك الحيثية يوجب تصور المحدود بحقيقته, لجواز أن يتصور مثلًا الإنسان باعتبار, وتتصور حقيقة الحيوان الناطق, ويتصور أن معنى كونه حدًا للإنسان أنه مشتمل على جنسه وفصله, ويجهل كون جنسه وفصله حتى يثبت بالدليل, وأنت تعلم أنه لو صح هذا لزم ألا يحصل أيضًا بأمارة, ولزم منه ألا يحصل الرسمي لا ببرهان ولا بأمارة.
ثم أورد المصنف نقضًا على الدليل الثاني, وهو: أن ما ذكرتم لو صح لم يكتسب تصديقًا, والتالي باطل فالمقدم مثله؛ لأن الدليل على التصديق متوقف على تعقل النسبة, فلو اكتسبت بالدليل لتوقفت عليه ولزم الدور.
والجواب: أن الذي يتوقف عليه الدليل تعقل النسبة, والمتوقف على الدليل ثبوت النسبة أو نفيها لا تعقلها, وأتى بلفظي حصول ثبوت النسبة بمعنى حصول نسبة الثبوت, أو حصول نسبة النفي.
فقوله:(أو نفيها) أي حصول نفيها, فلا يكون أحدهما حشوًا.
ثم قال:(ومن ثم لم يمنع الحد) لما ثبت أنه لا يطلب بالدليل لم يمنع الحد لأن معنى / المنع طلب الدليل, وهو لا يكتسب بالدليل.
وإنما الحاد في مقام التفصيل, مثل من يعمد إلى جواهر في خزانة