نزاع لفظي.
لنا: أنه يستلزم خروج علة الأصل عن كونها معتبرة شرعًا, حيث علم إلغاؤها بعد ثبوت الحكم معها في الأصل, والفرع إنما يثبت بالعلة, فإذا انتفت العلة انتفى الفرع, وإلا لزم ثبوت الحكم بلا دليل.
قيل: العلة أمارة الحكم لا موجبة له, والأمارة إنما يحتاج إليها ابتداء لا دوامًا, كما مرّ في نسخ الحكم دون التلاوة.
قيل: وفيه نظر؛ لأن العلة باعثة لا أمارة, والباعث يحتاج إليه دائمًا.
وردّ: بأن مراده من الأمارة المعرفة, أعم من أن يكون باعثًا أو مجرد أمارة لأنه جعله قسيم الموجب, ولو سلم فلا نسلم أن الباعث يحتاج إليه دائمًا, بل يحتاج إليه عند تأثير الفاعل في حصول المعلول فقط.
قالوا أولًا: الفرع تابع لدلالة حكم الأصل على علة الأصل لا الحكم الأصل, فلا يلزم من انتفاء الحكم انتفاء الدلالة, ولم يحدث شيء إلا انتفاء الحكم والدلالة باقية, فيبقى حكم الفرع, وهو بعينه الذي صرتم إليه في جواز نسخ الأصل دون الفحوى.
الجواب: أنا لا نسلم أنه لم يحدث شيء إلا انتفاء الحكم, بل ثبت انتفاء الحكمة المعتبرة شرعًا, وهو ملزوم لانتفاء الحكم, لاستحالة بقائه بغير حكمة معتبرة فينتفي الحكم, ولا كذلك في المفهوم, إذ لا يلزم من انتفاء الحكمة المحرمة للتأفيف انتفاء الحكمة المحرمة للضرب, إذ لا يلزم من ارتفاع الأضعف ارتفاع الأقوى, ويلزم من ارتفاع الأقوى ارتفاع الأضعف.