للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان منشأ لمصلحة، فلا يكون عدمه علة، لأنه تفويت لتلك المصلحة، ولا يصلح مقصودا للشارع فلا يكون مناسبا ولا مظنة مناسب.

وإن كان منشأ مفسدة فهو مانع، فعدمه عدم مانع، وعدم المانع لا يكون علة، وإن لم يكن كذلك، فإما أن يكون وجوده ينافي وجود المناسب أو لا، فإن كان بحيث يستلزم وجوده عدم المناسب، فلابد أن يستلزم عدمه وجود المناسب لتحصل الحكمة به، وحينئذ يكون هو نقيض المناسب، وهذا لا يصلح أن يعلل به؛ لأن نقيض ذلك الأمر إن كان ظاهرا أغنى عن المظنة بنفسه وكان هو العلة بالحقيقة، وإن كان خفيا فنقيضه وهو ذلك الأمر خفي فعدم ذلك الأمر خفي، لأن النقيضين سيان في الجلاء والخفاء، لأنا كما نعلم وجود المحسوسات ضرورة، نعلم عدمها كذلك، فيكون عدم نقيضه خفيا، والخفي لا يصلح مظنة للخفي، وإن لم يكن منافيا للمناسب فالمناسب يحصل عند وجوده كما يحصل عند عدمه، فيكون وجوده وعدمه سواء في تحصيل المصلحة لا خصوصية لأحدهما به، فلا يكون عدمه خاصة مظنة، فلا يصلح علة وقد فرضناه علة، هذا خلف.

مثاله: ما لو قيل: "ساب النبي عليه السلام يقتل لعدم إسلامه" فيقال: إن كان في قتله مع الإسلام مصلحة فيلزم من اعتبار عدمها تفويتها، وإن كان فيه مفسدة فغايته أن الإسلام مانع فما المقتضى لقتله؟ وإلا فإما أن ينافي مناسبا للقتل هو الكفر مثلا، فإن كان الكفر ظاهرا فليقل: يقتل لأنه كافر، وإن كان خفيا فالإسلام كذلك فعدمه كذلك، فلا فرق بين معرفة الكفر ومعرفة عدم الإسلام في الخفاء وإن كان لا ينافي مناسبا، إذ ليس الكفر هو

<<  <  ج: ص:  >  >>