قلنا: لو تعددت الأحكام بإضافتها إلى العلل، لتعددت بإضافتها إلى الأدلة لأنها أدلة، واللازم باطل؛ لأن إضافة الحكم إلى أحد الدليلين مرة وإلى الآخر أخرى لا يوجب تعددا في الحكم، وإلا لزم مغايرة حدث البول لحدث الغائط، فكان يتصور أن ينتفي أحدهما ويبقى الآخر، ولو نوى بعض أحداثه غير متعرض لغيره لارتفع الكل، ولا تعدد في القتل، بل في استناده، والزائل بالعفو استناده إلى القتل العمد العدوان، والزائل بالإسلام استناده إلى الردة، لا نفس القتل فإنه باق، وليس إلا إبطال حياة واحد، وهو واحد بالنوع وإن اختلفت الإضافة، وذلك راجع إلى التعدد بالشخص.
قال الغزالي: الحائض المحرمة المعتدة يحرم وطؤها، ولا يمكن أن يحال تحريم الوطء على أحد هذه الأسباب دون باقيها، لمساواة كل منها الآخر في الاعتبار في التحريم، ولا يقال بتعدد التحريمات، فإنها لا تختلف بالنوع والحقيقة، وما اتحدت حقيقته لا تعداد فيه، فتبين من قول الغزالي أن المنفي التعدد بالنوع وكذا قول المصنف، وإلا لزم مغايرة حدث البول لحدث الغائط –يعني بالنوع- وإلا فهما مختلفان بالشخص.
وكذا قوله:(إضافة الشيء إلى أحد دليله لا يوجب تعددا)، يعني نوعها، وإلا فمدلول الأدلة كلي.
فتبين أن الدليل إنما دل على تعليل الواحد بالنوع بعلتين، على أنه لا ينهض على المانع في المستنبطة؛ لأن العلل المذكورة منصوصة.
الثاني: ولو امتنع تعليل الحكم الواحد بعلتين، لامتنع تعدد الأدلة