والدليل تقريره أن نقول: لابد للحكم من حكمة لوجهين:
أحدهما: إجماع الفقهاء على ذلك، إما تفصيلا كما يقول أصحابنا أو وجوبا كما تقول المعتزلة.
الثاني: قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وظاهر الآية مراعاة مصالحهم في جميع ما شرع لهم من الأحكام، إذ لو أرسل بحكم لا مصلحة لهم فيه لكان إرسالا لغير الرحمة –لأنه محض تعب- فلا يكون في التكليف به فائدة، فخالف ظاهر العموم.
ولو سلم عدم الإجماع وعدم ظهور التعميم في الآية، فالتعليل هو الغالب على أحكام الشرع، وإنما غلب لأن تعقل المعنى ومعرفة كونه مفضيا إلى مصلحة أقرب إلى انقياد المكلف من التعبد المحض، فيكون أفضى إلى غرض الحكيم، فالحكمة تقتضي حمل ما نحن فيه على كونه معللا بمعنى معقول، إلحاقا للفرد النادر بالأعم الأغلب، إذ اختيار الحكيم الإفضاء إلى مقصوده هو الغالب على الظن.
فإذا قد ثبت ظهور تعليل جميع الأحكام عموما بهذا الطريق، وفي