للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثا: أن التقليد لو حصل العلم فالعلم بأنه صادق فيما أخبر به إما أن يكون ضروريا أو نظريا، لا سبيل إلى الأول بالضرورة فتعين الثاني، وحينئذ لابد له من دليل –والفرض ألا دليل- إذ لو علم صدقه بالدليل لم يبق تقليدا.

القائلون بجواز التقليد قالوا: لو وجب النظر لكان الصحابة أولى بالمحافظة على ذلك، ولو كان لنقل نظرهم في ذلك كما نقل نظرهم في الاجتهادات، فلما لم ينقل علم أنه لم يقع.

الجواب: منع بطلان التالي، وإلا لزم نسبتهم إلى الجهل بالله وأنه باطل وإنما لم ينقل لوضوحه عندهم، وعدم من يحوجهم إلى إكثار النظر من كثرة الشبه التي حدثت، بخلاف الاجتهاديات فإنها خفية تتعارض فيها الأمارات فاحتاجت إلى إكثار النظر.

قالوا: لو كان النظر واجبا لألزم الصحابة العوام بذلك، لكنا نعلم أن أكثر الأعراب ما كانوا يعلمون/ الأدلة الكلامية، بل كانوا يحكمون بإسلام من نطق بالشهادتين وإن لم يعلم شيئا.

الجواب: أنهم ألزموهم ذلك، وليس المراد تحرير الدليل بالعبارات المصطلحية ودفع الشكوك الواردة، والمطلوب منهم الدليل الجملي بحيث يوجب طمأنينة القلب، وكانوا يعلمون منهم ذلك، كقول الأعرابي: "البعرة تدل على البعير، والأقدام على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدل عل اللطيف الخبير؟ ".

قالوا أيضا: لو وجب النظر، لزم الدور.

أما الملازمة؛ فلتوقف إيجاب الله المعرفة على النظر المتوقف على إيجابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>