استعملت لملابسة الظرفية كان مجازًا, نحو: صام نهاره, وقام ليله.
والحق أنها تصرفات عقلية, ولا حجر فيها, والكل ممكن, وإذ قد ظهر المقصود, فيصح حمل كلام المصنف (لا مجاز في التركيب) أي المجاز الغير عقلي, ومراد عبد القاهر المجاز العقلي, ولا محذور؛ لأن جهة إسناد المجاز العقلي هو خلاف ما عند المتكلم من الحكم, وجهة الإسناد الحقيقي العقلي هي ما عند المتكلم من الحكم, ضرورة أن المجاز العقلي هو الكلام المفاد به خلاف ما عند المتكلم من الحكم لضرب من التأويل, إفادة للخلاف لا بتوسط وضع, والحقيقي هو المفاد به ما عند المتكلم من الحكم فيه, والظاهر أن النزاع في أن المجاز يستلزم الحقيقة إنما هو في المفرد لا في المركب, وظهر أن المجاز في المفرد يخالف المجاز في المركب وكذا الحقيقة, ولا يدخلان تحت حد واحد, وأن المجاز العقلي سمي مجازًا لتعدي الحكم فيه عن مكانه الأصلي, لا لكونه مستعملًا في غير ما وضع له, وسمي عقليًا لعدم رجوعه إلى الوضع, إذ صيغ الأفعال والفاعلين غير منقولة, فليس المجاز إلا في نسبته تلك الأفعال إلى أولئك الفاعلين, وذلك أمر عقلي.
ثم قال:(ولو قيل: لو استلزم المجاز الحقيقة لكان للفظ الرحمن حقيقة) لأنه مجاز في الباري تعالى [لأنه من الرحمة] وهي رقة القلب, وذلك محال على الله تعالى, فيكون مجازًا, وأيضًا: فعلان وضع للمذكر حقيقة,