للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محال؛ لأن هذا محل النزاع, غاية ما في الباب أن ذلك مستبعد, والاستبعاد لا يدل على الاستحالة, ولئن سلمنا أن هذه الأشياء تقتضي متعلقا موجودًا في الأعيان, لم لا يكون المتعلق ذاته تعالى, وحينئذ يزول الاستبعاد.

قولهم: إخباره تعالى لنفسه أزلًا عبث, على [أن] الحكم مبني على التحسين العقلي وقد أبطلناه, ولو سلم فأمر الله تعالى أزلا ليس عبارة عن التكلم بصيغة افعل حتى يعد الأمر بدون المأمور سفهًا, بل عن الطلب القائم بذاته تعالى كما هو مذهب أهل السنة, أي يكون طالبًا من العباد إذا صاروا موجودين بالغين عاقلين الإتيان بالمأمور به, وإذا كان كذلك لا يلزم من الأمر / عند عدم المأمور سفه, كما لا يلزم من طلب التعلم في نفس الوالد من ابن سيولد سفه, وتحقيقه: أنه قد تقرر في علم الكلام أنه تعالى منزه عن الزمان, فلا يكون له ماض ولا مستقبل ولا حال, بل نسبه سائر الأزمنة إليه على السواء, [فجميع الأزمنة] من الأزل إلى الأبد بالقياس إليه كامتداد واحد, وكل قوم في زمانهم بالنسبة إليه كالحاضر في زمانهم, وإن كان بعضهم إلى بعض سابقًا, ألا ترى إلى قوله تعالى: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس} الآية, فأخبر عما سيوجد في القيامة بأنه موجود لما كان لا مستقبل بالنسبة إليه.

والكلام النفسي إنما يكون مع مخاطب نفسي, وإذا صار المخاطب حسيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>