للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعددًا وجوديًا, كالإبصار وصف واحد لا يتعدد في الوجود بكثرة المبصرات, إنما يتعدد تعلقه والوصف واحد, فهو في نفسه خبر, إذ الأمر تعريف الغير أنه لو فعل استحق المدح ولو ترك استحق الذم, والنهي بالعكس, فالخبر إن تعلق بالشيء الذي وجب فعله سمي أمرا, وإن تعلق بما حرم فعله سمي نهيا, وإن تعلق بما لا طلب فيه سمي خبرا, فهي أسماء من جهة متعلقاته, كأسماء الرب من جهة أفعاله, فكما أنها لا توجب تعدد في ذاته, كذلك هذه لا توجب تعددا في كلامه.

قلت: واعلم أن هذا الرأي وإن كان مختار الأشعري, حيث قال: الكلام صفة واحد, وكونه أمرًا أو نهيًا أو خبرًا خصائص لتلك الصفة, وأن حقيقة الكلام عنده أنه خبر عن المعلوم, فعندي فيه نظر؛ لأن اعتبار الكلام لغة وعرفا وعقلا بالنسبة إلى ما وضع له لا إلى ما يفضي [إليه] مدلوله باعتبار, ولو اعتبر مثل ذلك لجاز أن يقال: الخبر نهي عن الغفلة وأمر يفهم [معناه] , وحينئذ يرتفع الوقوف عن الوعد والوعيد, لاحتمال معنى آخر غير ما يفهم؛ ولأن الخبر يحتمل الصدق والكذب, ويقترن بأحد الأزمنة, وله متعلق في الخارج دون الأمر والنهي.

وأيضًا: كون كلامه ليس واحدا منها, ثم يصير واحدًا منها أبعد؛ لأن الأمر مثلا الذي هو طلب الفعل, كيف يقال: إنه كان معنى آخر ثم انقلب

<<  <  ج: ص:  >  >>