وذهب الروافض إلى امتناع ذلك كله عليهم عقلا, ووافقهم أكثر المعتزلة في امتناع وقوع الكبائر منهم عقلا قبل البعثة, ومعتمد الفريقين التقبيح العقلي؛ لأن صدور المعصية منهم مما يحقرهم في النفوس, وينفر الطباع عن اتباعهم, وهو خلاف مقتضى الحكمة من بعثة الرسل, فيكون قبيحًا عقلًا, وقد تقدم الكلام على فساده.
وأما بعد النبوة, فالإجماع على عصمتهم من تعمد الكذب في الأحكام؛ لأن المعجزة دلَّت على صدقهم فيما يبلغونه عن الله, فلو جاز تعمد الكذب عليهم لبطلت دلالة المعجزة على الصدق؛ إذ من دلَّ القاطع على صدقه فيما يبلغه عن المرسل, يمتنع عليه فيه الكذب.
وأما جواز صدور الكذب عنهم في الأحكام غلطًا أو نسيانًا, فمنعه الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني وطائفة كثيرة من أصحابنا؛ لما فيه من مناقضة دلالة المعجزة القاطعة.
وجوَّزه القاضي وقال:«إن المعجزة إنما دلَّت على صدقهم فيما يصدر عنهم قصدًا واعتقادًا».