أقول: لما فرغ من تعريفه, شرع في ثبوته؛ لأن حجيته فرع ثبوته.
ذهب الجمهور إلى مكان ثبوته, وخالف النظام وبعض الروافض في إمكان ثبوته, والمصنف يظهر من كلامه أن الخلاف في وقوعه, وأن النظام استحال وقوعه عادة, والذي في الإحكام والمحصول هو ما ذكرنا.
واحتجوا بوجهين:
الأول: اتفاقهم فرع تساويهم في نقل الحكم إليهم, لكن انتشارهم في أقطار الأرض يمنع نقل الحكم إليهم, والعادة تقضي بذلك.
أجاب: أنّا نمنع أن انتشارهم يمنع عادة نقل الحكم إليهم مع جدهم وبحثهم عن الأحكام وعن الأدلة, وإنما يمتنع فيمن قعد في بيته لا يطلب ولا يبحث, أما الباحث فيمكن قطعًا نقل الحكم إليه وإن كان في أقصى الأرض.
الثاني: لا يمكن اتفاقهم؛ لأن اتفاقهم لا يكون عن قطعي ولا لنقل؛ لأن العادة تحيل عدم نقل القاطع؛ لأنه مما تتوفر الدواعي على نقله, فلما لم ينقل علم أنه لا يوجد, ثم لو نقل لأغنى عن الإجماع, ولا يكون عن ظني؛ لأنه يمتنع الاتفاق عنه عادة؛ لاختلاف القرائح, وتباين الأقطار, كاتفاقهم على أكل طعام واحد في ساعة / واحدة, فإنه معلوم الانتفاء بالضرورة, وما ذلك إلا لاختلاف الدواعي.