للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول صدق, والثاني بقسيمه واسطة, وألا مطابق إما مع اعتقاد اللامطابقة أو لا, سواء اعتقد المطابقة أو لم يعتقد بها, والأول الكذب, والثاني بقسيمه واسطة.

وإليه أشار المصنف بقوله: (والثاني فيهما ليس بصدق ولا كذب).

احتج الجاحظ بقوله تعالى: {أفترى على الله كذبًا أم به جنة} , ووجه الاستدلال: أن المراد الحصر فيهما, أي في كونه افتراء أو كلام مجنون فعلى تقدير كونه كلام مجنون لا يكون صدقًا؛ لأنهم لا يعتقدون كونه صدقًا وقد صرحوا بنفي الكذب عنه حيث جعلوه قسيمه, وما ذاك إلا لأن المجنون لا يقول عن قصد واعتقاد.

والجواب: أن المراد افترى أو لم يفتر فيكون مجنونًا؛ لأن المجنون لا افتراء له, والكاذب عن غير قصد يكون مجنونًا, أو المراد: أقصد فيكون كاذبًا, أو لم يقصد فلا يكون خبرًا؛ لاشتراط القصد في الخبر عند قوم.

والحاصل أن الافتراء أخص من الكذب, ومقابله قد يكون كذبًا, وإن سلّم فلا يكون خبرًا.

احتجوا ثانيًا: بما في الصحيحين, أن عائشة لما سمعت حديث ابن عمر أن الميت ليعذب ببكاء أهله, قالت: «ما كذب ولكنه وهم, إنما قال عليه السلام: إن الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>