أقول: هذا تقسيم آخر للخبر, وهو ينقسم إلى ما يعلم صدقه, وإلى ما يعلم كذبه, وإلى ما لا يعلم واحد منهما.
الأول: قسمان: ضروري, ونظري.
والضروري: إما ضروري بنفسه, أي بنفس الخبر وهو المتواتر, وإما أن يكون استفيد العلم الضروري بمضمونه من غير الخبر, ومثّله في المنتهى بخبر يوافق قضية ضرورية.
والنظري: كخبر الله, وخبر رسوله, وخبر أهل الإجماع, والخبر الموافق للنظر الصحيح في القطعيات, كقولنا: العالم حادث, فإن هذا كله قد علم صدقه بالنظر.
القسم الثاني: ما علم كذبه, وهو كل خبر مخالف لما علم صدقه, أي مناف بالاعتبارات السابقة, فلا يرد.
القسم الثالث: ما لا يعلم واحد منهما, وهذا قد يظن صدقه كخبر العدل, وقد يظن كذبه كخبر الكذاب, وقد يشك في صدقه وكذبه كخبر مجهول الحال.
وقال بعض الظاهرية: كل خبر لا يعلم صدقه فهو كذب قطعًا؛ لأنه لو كان صدقًا لنصب عليه دليلًا, كخبر مدعي الرسالة, فإنه إذا كان صدقًا أيَّد صدقه بدلالة المعجزة, وهو فاسد, لجريان مثل هذا الدليل في نقيض ما أخبر به إذا أخبر آخر, فيلزم اجتماع النقيضين.