سلمنا أن الذم لا يكون إلا على فعل, لكن لا يكون الكف منهيًا عنه؛ إذ النهي طلب كف عن فعل لا عن كف, كما أن الأمر طلب فعل غير كف, إذ لو كان منهيًا عنه لأدى إلى طلب الكف عن الكف, لأنه مطلوبه النهي هنا, وذلك يستلزم وجوب تصور الكف عن الكف لكل أمر, وهو باطل قطعًا؛ لأن الآمر بالشيء قد لا يخطر بباله الكف عن الكف أصلًا.
وفي الأجوبة الثلاثة نظر.
أما الأول: فلأن الوجوب يستلزم استحقاق الذم على الترك؛ لأنه إما جزؤه أو لازمه البين؛ لأنه أخذه المصنف في تعريف / الوجوب.
وقد يجاب عنه: بأن الكلام فيما هو أعم من الأمر الشرعي, ويحققه قوله: لكل أمر.
وأما الثاني: فسلمنا أنه مختار المصنف, حيث قال:(لا تكليف إلا بفعل).
وقد يجاب عنه: بأنه ذكره على سبيل الإلزام للقاضي.
وأما الثالث: فلأنه لا يلزم من كون الكف غير منهي عنه إبطال دليله؛ لجواز كون الضد العام منهيًا عنه.