وعن أبي حنيفة: أنه للجميع, ففرق بين الشرط والاستثناء, حيث جعل الشرط للجميع, والاستثناء إلى الأخيرة, فإن نظر إلى أنه مقدم تقديرًا فهو مقدم على ما يرجع إليه فقط.
ولما كان الشرط له صدر الجملتين؛ لأن الشرط قسم من الكلام, فحقه أن يصدر به ليعلم نوعه, كما فعلوا في الاستفهام, والقسم, والنهي, والنفي.
قيل في نحو: «أكرمك إن دخلت الدار» ما تقدم جملة خبرية والجزاء محذوف تقديره: «أكرمك إن دخلت الدار أكرمك» , لدلالة الخبر - وهو أكرمك الأول - عليه, وإنما صير إليه مراعاة [لتعدية] الواجب كما وجب في الاستفهام والقسم, وقولهم هذا إن عنوا به أنه ليس بجزاء في اللفظ فمسلّم, وإلا لا نجزم, وإن عنوا ليس بجزاء في المعنى فعناد, إذ يعلم قطعًا أنه لا يدل إلا على إكرامٍ مقيد بقيد دخول الدار, ولذلك لو لم يدخل ولم يكرم, لم يعدّ كاذبًا, والتعليق ثانيًا لا ينافي الإطلاق أولًا, نعم يدل على التقييد ثانيًا وأن المراد بالمطلق هو المقيد, وهو المراد بقولنا: جزءًا في المعنى.
والحق: أنه لما كان المتقدم جملة مستقلة, عومل معاملة المستقل لفظًا فلم يجزم, وأريد به الجزاء معنى, فقدر الجزاء دالًا على أنه مراد تعليقه بالشرط, وإن استقلت لفظًا فروعيت فيه الشائبتان, ولذلك قال بكل منهما قائل, وجاز الإطلاق بالاعتبارين.