للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان إماما عالما علاّمة، شيخ الإسلام، وقدوة الأنام، ومرجع الخاصّ والعامّ.

قال فى حقّه السّيّد عبد الرحيم العبّاسىّ، فى ديباجة نسخة من «شرح شواهد التّلخيص» (١) له، كتبها باسم صاحب الترجمة، ومن خطّه نقلت: هو مولى تنخفض همم الأقوال عن بلوغ أدنى فضائله ومعاليه، ويقصر جهد الوصف عن أيسر فواضله ومساعيه، حضرته مطلع الجود، ومقصد الوفود، وقبلة الآمال، ومحطّ الرّحال، ومجمع الأدباء، وحلبة الشعراء، ذو همة مقصورة على مجد يشيّده، وإنعام يجدّده، وفاضل يصطنعه، وخامل وضعه الدّهر فيرفعه، فاق الأقران، وساد الأعيان، فلا يدانيه مدان، ولو كان من بنى عبد المدان (٢)، وليس يجاريه فى مضمار الجود جواد، ولا يباريه فى ارتياد السيادة مرتاد.

ما كلّ من طلب السّعادة نافدا … فيها ولا كلّ الرجال فحولا

لا زالت آى مجده بألسن الأقلام متلوّة، وأبكار الأفكار بمديح معاليه مجلوّة.

ثم قال يصف مكارمه وفواضله، وإنعامه عليه، وإسداء الخيرات إليه، عند ما قصد حضرته، وأمّ ساحته، وحين أناخ مطايا قصده بأفناء سعده، صادف مولا حفيّا وظلاّ ضفيّا، ومرتعا رحيبا، ومربعا خصيبا، وبشاشة وجه تسرّ القلوب، وطلاقة/محيّا تفرّج الكروب، وتغفر للدهر ما جناه من الذنوب، مع ما يضاف إلى ذلك من منظر وسيم، ومخبر كريم، وخلائق رقّت وراقت، وطرائق علت وفاقت، وفضائل ضفت مدارعها، وشمائل صفت مشارعها، وسؤدد تثنى به عقود الخناصر، ويثنى عليه طيب العناصر، فحمد من صباح قصده السّرى، وعلم أنّ كلّ الصّيد فى جوف الفرا،

إنّ الكريم إذا قصدت جنابه … تلقاه طلق الوجه رحب المنزل

وها هو فى ظلّ عزّه رخىّ البال، متميّز الحال، آمن من صرفان الدّهر، وحدثان القهر، يرتع فى رياض فضله، ويخرج من طلّ جوده ووبله، قد عجز عن الشكر لسانه، وكلّ عن رقم الحمد بنانه، لم يفقد من تفيّأ رأفته ظلالا، ولم يقل لصدح آماله انتجعى بلالا، وبه حقّق قول القائل من الأوائل (٣):


(١) انظر: معاهد التنصيص ٥،١/ ٤.
(٢) عبد المدان: أبو قبيلة من بنى الحارث. تاج العروس (مدن) ٣٤٣،٩/ ٣٤٢.
(٣) انظر يتيمة الدهر ٣/ ١٠٩.