حرفة المفاليس، إن كان صاحب تجارة ترك تجارته حتى تذهب، وإن كان صاحب صنعة ترك صنعته حتى تخرب، حتى إذا بلغ ما يريد، وبلغ سبعين سنة، جاء صبيّان فقعدا بين يديه، فإن كان الشيخ ذكيّا قالا: ما أكيسه. وهو على حداثة سنّه إن قيل له: كيّس. غضب، وإن كان الشيخ مغفّلا قالا: ما يحسن قراءة كتابه.
وذكره السّيوطىّ فى «طبقات النّحاة»، وذكر أنّه كان من أهل العلم باللغة، وأنّ ولادته سنة ثلاث وعشرين ومائة، ثم قال: وكان حافظا، ثبتا، وفيه مزاح وكيس، رأى أبا حنيفة يوما يفتى، وقد اجتمع الناس عليه وآذوه-يعنى من كثرة الزّحام- فقال: ما هنا أحد يأتينا بشرطىّ؟ فتقدّم إليه، فقال: يا أبا حنيفة تريد شرطيّا؟ قال:
نعم. فقال: اقرأ علىّ هذه الأحاديث التى معى. فلما قرأها قام عنه، فقال: أين الشّرطىّ؟، فقال: إنّما قلت: تريد. ولم أقل لك: أجئ به. فقال: انظروا أنا أحتال للناس منذ كذا وكذا، وقد احتال علىّ هذا الصّبىّ.
وعن أبى الفضل بن يحيى الباهلىّ، قال: رأيت أبا عاصم النّبيل فى منامى بعد موته، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لى. ثم قال: كيف حديثى فيكم؟، قلت: إذا قلنا أبو عاصم، فليس أحد يردّ علينا. قال: فسكت عنّى، ثم أقبل علىّ فقال: إنما يعطى الناس على قدر نيّاتهم.
وبالجملة إنّ أبا عاصم كان ممّن اتّفقت الأفاضل على فضله، والأماثل على جلالته ونبله، رحمه الله تعالى.
***
٩٩٥ - الضّحّاك بن مسافر
مولى سليمان بن
عبد الملك (*)
ذكره ابن عساكر، فى «تاريخ دمشق»، وقال: حدّث عن أبى حنيفة النعمان بن ثابت الفقيه.
روى عنه الوليد بن محمد البلقاوىّ، أنّه قال: صلّيت إلى جنب أبى حنيفة، فسمعنى أتشهّد، فقال لى: يا شامىّ، حدّثنى سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم، عن