للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ودرّس فى عدّة بلاد، وقدم ماردين، فأقام بها مدّة، ثم وصل إلى حلب، فقطنها، فلما أنشأ الظاهر برقوق مدرسته، بين القصرين، استدعاه، فقدم فى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فاستقرّ شيخ الصّوفيّة بها، ومدرّس الحنفيّة، وذلك فى ثانى عشر شهر رجب، منها، فتكلّم على قوله تعالى (١): ﴿قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ﴾، ثم أقرأ «الهداية»، وغير ذلك من كتب الفقه والأصول.

قال ابن حجر: وكان شيخنا عزّ الدين ابن جماعة يقرّظه، ويفرط (٢) فى وصفه بالفهم والتّحقيق، ويذكر أنه تلقّف منه أشياء لم يجدها مع نفاستها فى الكتب.

ولم يزل على حالته، موصوفا بالدّيانة، والخير، والانجماع، والتّواضع، وكثرة الأسف على نفسه، والاعتراف بتقصيره فى حقّ ربّه، إلى أن صار يعتريه الرّبو، وضيق النّفس، فمرض به، إلى أن مات، فى ثالث جمادى الأولى، سنة خمس وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.

***

٣٧٧ - أحمد بن محمد بن الصّائغ الحنفىّ (*)

خادم علمى الأبدان والأديان، كذا رأيته بخطّه فى آخر «رسالة» صنّفها فى بعض مسائل طبّيّة، قدّمها لحضرة قاضى القضاة حسن أفندى، حين كان قاضيا بالدّيار المصريّة، مؤرّخة بثامن عشر شهر ربيع الآخر المبارك، سنة ست وستين وتسعمائة (٣).

وكان أحمد هذا يلقّب بسرىّ الدين، وكان له فى كلّ فنّ من العلوم باع، ومعرفة تامّة، ووسع اطّلاع، ولكن كان فى العربيّة، والنظم، والإنشاء، وعلم الطبّ، أمهر منه فى غيرها/.


(١) سورة آل عمران ٢٦.
(٢) فى ط، ن: «ويقرظ»، والصواب فى: س، والدرر الكامنة.
(*) ترجمته فى: خلاصة الأثر ٢٠٤،١/ ٢٠٣، ريحانة الألباء ١٤٣،٢/ ١٤٢.
هذا وقد خلط المحبى فى ترجمته فى الخلاصة، فذكره باسم أحمد بن سراج الدين، وذكر أن ولده يقال له: سرى الدين، ثم ذكر فى آخر ترجمته أنه لم يعقب إلاّ بنتا تولت مكانه مشيخة الطب، فكيف يتفق هذا مع قوله إن له ولدا يقال له سرى الدين، والحق أنه هو سرى الدين أحمد، وأنه لم يعقب إلاّ بنتا، وسترى خلال الترجمة الصلات الوطيدة بينه وبين التميمى، مما يجعل لما أورده من اسمه وترجمته القدح المعلى.
(٣) فى ط: «٩٤٤»، والمثبت فى: س، ن، وهو الصواب لأن المحبى ذكر أن مولده فى سنة خمس وأربعين وتسعمائة.