للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلا يزال يشرب ويردّد هذا البيت، حتى يأخذه النوم.

وكان أبو حنيفة يصلّى الليل كلّه، ففقد صوته، فسأل عنه، فقيل: أخذه العسس منذ ليال، وهو محبوس.

فصلّى أبو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلة، واستأذن على الأمير. فقال: ائذنوا له، وأقبلوا به راكبا، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط.

ففعل، فلم يزل الأمير يوسع له فى مجلسه، وقال: ما حاجتك؟

قال: لى جار إسكاف، أخذه العسس منذ ليال، ويأمر الأمير بتخليته.

فقال: نعم، وكلّ من أخذ فى تلك الليلة إلى يومنا هذا. فأمر بتخليتهم أجمعين.

فركب أبو حنيفة، والإسكاف يمشى وراءه، فلما نزل أبو حنيفة مضى إليه، فقال:

يا فتى، هل أضعناك؟.

فقال: لا، بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيرا عن حرمة الجوار، ورعايته (١).

وتاب الرجل، ولم يعد إلى ما كان عليه، ببركة الإمام، رضى الله تعالى عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلّبه ومثواه، (٢) ونفعنا ببركاته، وبركات علومه فى الدنيا والآخرة (٢).

فصل

فى ذكر ما كان عليه أبو حنيفة من حسن الاعتقاد

ووفور العقل، والفطنة، والذكاء المفرط (٣)،

والتلطّف فى الجواب، وبرّه لوالديه،

روى الخطيب (٤) بسنده، عن يحيى بن نصر، قال: كان (٥) أبو حنيفة يفضّل أبا بكر


(١) فى تاريخ بغداد: «ورعاية الحق».
(٢ - ٢) فى ص: «بمنه وكرمه»، والمثبت فى: ط، ن.
(٣) ساقط من: ص، وهو فى: ط، ن.
(٤) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٨٣.
(٥) ساقط من: ط، ن، وهو فى: ص.