وذكره فى «درّة الأسلاك»، فقال: إمام علاّمة، جرىّ اللّسان والزّعامة، زكىّ الغروس، معظّم فى النّفوس، ملتحف بالوقار والسّكينة والسّكون، عارف بعدّة من الفنون، كان سمحا بفيض فضله، محبّا للحديث النّبوىّ وأهله، رفيع البيت والمنزلة، ملتحيا بعقود الإنصاف والمعدلة، سمعه كثير من الحفّاظ بحلب، وفاز بالرّىّ من روايته أهل الاجتهاد والطّلب، حكم بحماة أوفى من أربعين سنة، فاستمرّ إلى أن جاوز من لا تحصر وصفه الألسنة. وكانت وفاته بها عن سبع وسبعين سنة. رحمه الله تعالى.
***
[١٢٥٦ - عبد العزيز]
ويقال له: عزيز فقط، من غير ذكر عبد وذكر أداة التّعريف، كما جرت به عادة الدّيار الرّوميّة فى قولهم مثلا لعبد الكريم: كريم، وكريمى. ولعبد القادر: قادر وقادرى. ولعبد الباقى: باقى اختصارا للكلام، وقطعا لمسافة التّطويل.
وعبد العزيز هذا هو ابن شيخ الإسلام، وقدوة الأنام، منلا سعد الدين، معلّم حضرة السلطان مراد خان، عليه الرّحمة والرّضوان، ابن حسن الحافظ بن محمد الحافظ، الأصبهانىّ الأصل، الرّومىّ الدّار والمنشأ. أحد أعيان الأفاضل من أبناء الموالى بالدّيار الرّوميّة، بل هو من أفضل فضلائهم، وأكمل المفتخرين بأجدادهم وآبائهم.
ولد فى أواسط شهر ربيع الأوّل، سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، وقد أرّخه بعضهم بقوله: يا خير (١) … ، وإن شاء الله تعالى يكون ذلك فالا مباركا، ويحقّق الله تعالى فيه هذه الخيريّة، فإنّ بشائر أوصافه، ومكارم أخلاقه، ومحبّته فى تحصيل الفضائل، تدلّ على ذلك، وتزيد قوّة الرّجاء فيه.
قرأ فى مقدّمات العلوم على أخيه الأكبر، وهو محمد أفندى، قاضى العسكر المنصور بولاية أناطولى، الآتى ذكره فى المحمّدين، وقرأ على غيره أيضا من أفاضل عصره، وأكابر دهره، ولكن جلّ انتفاعه بالقراءة على والده، ومنه صار ملازما،/وعنده ذكاء مفرط، وميل إلى الاشتغال بالعلوم، وتحصيل الكمالات، ومن كان مثله، مستوفيا شروط التّحصيل من العزّة، والدّولة، والسّعادة، وكثرة الكتب، وسرعة الفهم، وعدم الاحتياج إلى أحد من الناس، كيف لا يفوق أبناء دهره، ولا