يتقدّم فضلاء عصره! خصوصا إذا كان ذلك مع صيانة العرض، والدّين المتين، وترك المعاصى، ويدلّ لذلك ما نسب إلى الإمام الشّافعىّ، رضى الله تعالى عنه، حيث يقول:
شكوت إلى وكيع سوء حفظى … فأرشدنى إلى ترك المعاصى
وقال العلم نور من إله … ونور الله لا يؤتى لعاصى
وقد ولى من المناصب العليّة، تدريس المدرسة الجديدة التى أنشأها مفخر الأغوات المقرّبين، غضنفر آغا، وهو الذى كان قابوأغا عند حضرة السلطان محمد خان الغازى، نصره الله تعالى، وأدام أيّام دولته، وخلّد أوقات سعادته، بمنّه وكرمه، وهو أوّل من درّس بها، ثم ولى منها تدريس إحدى المدارس الثّمان، وهو الآن مدرّس بالمدرسة المذكورة، لا يترك الاشتغال والإشغال، والمطالعة والمراجعة، يوما واحدا، وله همّة عليّة فى مساعدة أصحابه وأتباعه وإخوانه، تارة بماله، وتارة بجاهه، أدام الله تعالى النّفع بوجوده، آمين.
ومن جملة من أحسن إليه بجاهه، وشفع له عند أخيه قاضى القضاة مرارا عديدة، من غير نقد قدّمته إليه، ولا وعد اعتمد فى شفاعته عليه، بل لله تعالى، وهو الذى كان من أكبر الأسباب فى حصول مراد الفقير من حضرة أخيه المشار إليه، رحمهما الله.
***
١٢٥٧ - عبد العزيز بن محمد بن ركن الدين بن
جلال الدين الهندىّ، الكجراتىّ،
ثم المكّىّ، الحنفىّ
الإمام، العالم العلاّمة، المحقّق، آصف خان أبو القاسم ابن حميد الملك مولانا وزير السّلطان بهادر شاه.
مولده فى محمدآباد، مدينة التّخت الكجرات، ثانى عشر شهر ربيع الأوّل، سنة ثمان وتسعمائة. كذا ذكره ابن طولون فى «الغرف العليّة»، ووصفه بالإمام العالم العلاّمة، المحقّق.
إلخ.
ثم قال: قدم علينا دمشق راجعا من الرّوم، واجتمع فى يوم الاثنين، ثانى شوّال، سنة أربع وأربعين وتسعمائة، بالعمارة السّليميّة، بصالحيّة دمشق، وسمع من لفظى «المسلسل بالأوّليّة»، وسمع علىّ بقراءة السّيّد نجم الدين البخارىّ المكّىّ «ثلاثيّات الصّحيح»، وأجزت له، ثم لأولاده، وهم: الشيخ محمد، وشقيقه جمال الدين محمد، وأخوه لأبيه قطب الدين محمد، وصدر