للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن أحمد: ما رأيت أعلم بالسّنن منه.

وعن ابن مهدى عند سفيان بن عيينة بالمعرفة بالقرآن وتفسير الحديث، ما لم يكن عند الثّورىّ.

قال الذّهبىّ: اتّفقت الأئمة على الاحتجاج بابن عيينة؛ لحفظه وأمانته.

وقد حجّ ستين حجّة، وكان مدلّسا، لكن عن الثّقات.

مات فى جمادى الآخرة، سنة ثمان وتسعين ومائة. رحمه الله تعالى.

وعن سفيان، أنّه كان يقول: أوّل من أقعدنى للحديث أبو حنيفة، رضى الله تعالى عنه.

وفى رواية: دخلت الكوفة ولم يتمّ لى عشرون سنة، فقال أبو حنيفة لأصحابه، ولأهل الكوفة: جاءكم حافظ علم عمرو بن دينار. فجاء الناس يسألونى عن عمرو ابن دينار، فأوّل من صيّرنى محدّثا أبو حنيفة.

*وعن خالد بن يحيى البلخىّ، قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاءه رجل فسأله عن مسألة، فقال: إنّى بعت متاعا إلى الموسم، وأنا أريد أن أخرج، فيقول لى الرجل: ضع عنى وأعجّل لك مالك. فقال سفيان: قال الفقيه أبو حنيفة: إذا بعت بالدراهم فخذ الدّنانير، وإذا بعت بالدنانير فخذ الدراهم. انتهى.

قلت: هكذا كان رأى سفيان فى أبى حنيفة، واعتقاده فيه، وأخذه بقوله، وفتواه بمذهبه/، ولا يلتفت إلى ما قاله الخطيب فى «تاريخه»، ونقله بالأسانيد الملفّقة عن سفيان فى حقّ الإمام، فإنّ سفيان كان أجلّ قدرا من أن يفتى الناس بقول إمام لا يعتقده، وعلى تقدير أن يكون وقع منه شئ من ذلك، فإمّا أن يكون رجع عنه لمّا تبيّن له الحقّ، وإمّا أن يحمل على ما يقع مثله بين الأقران، ولا يعمل به.

وكان سفيان من الذين يقولون الحقّ، ويعملون به، وينصحون الملوك، ولا تأخذهم فى الله لومة لائم. قال أبو حيّان التّوحيدىّ، فى كتابه «البصائر والذّخائر»: دخل سفيان بن عيينة على الرشيد، وهو يأكل فى صحفة بملعقة، فقال: يا أمير المؤمنين، حدّثنى عبد الله بن زيد عن جدّك ابن عباس، ، فى قوله ﷿:

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ﴾ (١) قال: جعلنا لهم أيديا يأكلون بها. فكسر الملعقة.


(١) سورة الإسراء ٧٠.