للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان الضّياء المذكور، من المتعصّبين على الظّلمة، القائلين بالحق، الذين لا يأخذهم فى الله لومة لائم.

*قال الولىّ العراقىّ: وفى يوم الاثنين، سادس عشر ذى الحجّة، سنة ثمانين وسبعمائة، عقد مجلس عند الأميرين الكبيرين برقوق وبركة، بحضور القضاة الأربعة، والمشايخ المعتبرين؛ الشيخ أكمل الدين البابرتىّ، والشيخ سراج الدّين البلقينىّ، والشيخ ضياء الدين القرمىّ، بسبب إبطال أوقاف الأراضى المشتراة من بيت المال، وإعادتها إلى بيت المال؛ لأنّها تباع من غير أن تدعو حاجة المسلمين إلى ذلك. فأجاب أكثر الحاضرين بمنع ذلك إذا حكم حاكم بصحّته، فإنّ نقض الحكم فى محلّ الاجتهاد ممتنع، وجميع الأوقاف المذكورة محكوم بصحّتها. ومال شيخنا البلقينىّ إلى الإبطال، وأنّ حكم القضاة بذلك لم يصادف محلاّ؛ لأنّهم إنّما فعلوه خوفا على مناصبهم، فإنّهم لو امتنعوا لعزلوا، كما جرى لابن منصور، قاضى الحنفيّة، لمّا جئ إليه بشئ من هذا ليثبته، فامتنع من ذلك، فعزل، ووقع بين شيخنا المذكور وبين الشيخ ضياء الدّين القرمىّ بسبب ذلك ما أوجب الوحشة بينهما، مع تأكّد المودّة بينهما قبل ذلك، واجتمعت بالشيخ ضياء الدين عقيب ذلك، ووجدته متغيّر الخاطر، متألّما بسبب ذلك، وتصعّف، فمات بعد جمعة.

قال: وبلغنى أنّ الشيخ أكمل الدين قال للأمراء: إن كنتم تريدون الشّرع، فهؤلاء علماء الشرع أفتوكم بعدم الجواز، وإن كنتم تريدون قطع أرزاق العلماء، فرتّبوا لهم كما رتّب فرعون لخادم الأصنام أو نصفه. وانفصل المجلس على تنافر، واستمرّت الأوقاف على حالها. انتهى ملخّصا.

قلت: فى سياق هذه الواقعة ما يدلّ على أنّ الشيخ إنّما كان سبب موته حدّة الغيرة والغضب لله تعالى، فجزاه الله عن المسلمين خيرا.

وقيل: كان سبب موته خوفه من برقوق، لكلام خشن كلّمه إيّاه، خاف منه على نفسه

/وذكره الحافظ ابن حجر فى «إنبائه»، وبالغ فى الثّناء عليه. وذكر فى الحوادث أنّ البلقينىّ لم يوافق على إبطال الأوقاف مطلقا، ولم يمل إليه، بل قال: أمّا أوقاف الجوامع والمدارس وجميع ما للعلماء والطلبة، فلا سبيل إليه، ولا يحلّ لأحد نقضه؛ لأنّ لهم فى الخمس أكثر من ذلك، وأمّا ما وقف على عويشة وفطيمة، واشترى لأمثالهما من بيت