[إسماعيل بن عباد](*) هو الإمام العالم العلاّمة، البليغ المنشئ، الذى طبّق الآفاق ذكره، وملأ الخافقين حمده وشكره، وجمّل كلّ أحد من الأدباء بذكره تاريخه وديوانه، وجعلوا أخباره زينة المجالس، وبهجة المجالس، وسلوة الحزين، ونزهة الطّرف.
ذكره الحافظ السّيوطىّ، فى «طبقات النحاة»، ومن خطّه نقلت، فقال: ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وأخذ الأدب عن ابن فارس، وابن العميد. وسمع من أبيه وجماعة. وكان نادرة عصره، وأعجوبة دهره، فى الفضائل والمكارم. حدّث وقعد للإملاء، وحضر الناس الكثير عنده،/بحيث كان له ستّة مستملين. وكان فى الصّغر إذا أراد المضىّ إلى المسجد ليقرأ، تعطيه والدته دينارا فى كلّ يوم ودرهما، وتقول له:
تصدّق بهذا على أوّل فقير تلقاه. فكان هذا دأبه فى شبابه إلى أن كبر، فصار يقول للفرّاش كلّ ليلة: اطرح تحت المطّرح دينارا ودرهما، لئلاّ ينساه، فبقى على هذا مدّة، ثم إنّ الفرّاش نسى ليلة من الليالى أن يطرح له الدّرهم والدينار، فانتبه وصلّى، وقلّب المطّرح ليأخذ الدّرهم والدينار ففقدهما، فتطيّر من ذلك، وظنّ أنّه لقرب أجله، فقال للفرّاشين: خذوا كلّ ما هنا من الفراش، وأعطوه لأوّل فقير تلقونه، حتى يكون كفّارة لتأخير هذا. فلقوا أعمى هاشميّا يتّكئ على يد امرأة، فقالوا: تقبل هذا؟ فقال: ما هو؟ فقالوا: مطّرح وديباج، ومخادّ وديباج. فأغمى عليه، فأعلموا الصّاحب بأمره، فأحضره، ورشّ عليه ماء، فلمّا أفاق سأله، فقال: اسألوا هذه المرأة إن لم تصدّقونى.
فقال له: اشرح. فقال: أنا رجل شريف، ولى ابنة من هذه المرأة، خطبها رجل، فزوّجناه، ولى سنتين آخذ القدر الذى يفضل عن قوتنا، أشترى به لها جهازا، فلما كان البارحة قالت أمّها: اشتهيت لها مطّرح ديباج ومخادّ ديباج. فقلت: من أين لى