للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أطلعت شعرى وألقت شعرها طربا … فألّفا بين إصباح وإمساء

زحف على دسته طربا. فلما بلغ قوله فى المدح:

لو أنّ سحبان باراه لأسحبه … على خطابته أذيال فأفاء

أرى الأقاليم قد ألقت مقالدها … إليه مستبقات أىّ إلقاء

فساس سبعتها منه بأربعة … أمر ونهى وتثبيت وإمضاء

كذاك توحيده ألوى بأربعة … كفر وجبر وتشبيه وإرجاء

جعل يحرّك رأسه، ويستحسن ذلك، فلمّا أنشد:

نعم تجنّب «لا» يوم العطاء كما … تجنّب ابن عطاء لثغة الرّاء

استعاده وصفّق بيديه. ولمّا ختمها بهذه الأبيات:

أطرى وأطرب بالأشعار أنشدها … أحسن ببهجة إطرابى وإطرائى

ومن منائح مولانا مدائحه … لأنّ من زنده قدحى وإيرائى

فخذ إليك ابن عبّاد محبّرة … لا البحترىّ يدانيها ولا الطّائى

قال: أحسنت أحسنت، والله أنت. وتناول النّسخة، وتشاغل بإعادة نظره فيها، ثم أمر له بخلع وحملان وصلة وافرة.

وروى عن الصّاحب، أنّه قال (١): حضرت مجلس ابن العميد عشيّة من عشايا (٢) شهر رمضان، وقد حضره الفقهاء والمتكلّمون للمناظرة، وأنا إذ ذاك فى ريعان شبابى، فلمّا تقوّض المجلس، وانصرف القوم، وقد حلّ الإفطار، أنكرت ذلك فيما بينى وبين نفسى، واستقبحت إغفاله الأمر بتفطير الحاضرين، مع وفور رياسته، واتّساع حاله، واعتقدت أن لا أخلّ بما أخلّ به إذا قمت يوما مقامه. فقال النّاقل: فكان الصّاحب /لا يدخل عليه فى شهر رمضان بعد العصر (٣) كائنا من كان، فيخرج من داره إلاّ بعد الإفطار عنده، وكانت داره لا تخلو فى كلّ ليلة من ليالى شهر رمضان من ألف نفس مفطرة فيها، وكانت صلاته وصدقاته وقرباته فى هذا الشهر تبلغ مبلغ ما يطلق منها فى جميع شهور السنة.


(١) يتيمة الدهر ٣/ ١٩٧.
(٢) فى النسخ: «عشية».
(٣) أى: أحد.