للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن أبى معاذ: فبلغنى أن مسعرا مات فى مسجد أبى حنيفة فى سجوده، رحمه الله تعالى.

وكان خارجة بن مصعب، يقول: ختم القرآن فى الكعبة أربعة من الأئمة: عثمان بن عفّان، وتميم الدّارىّ، وسعيد بن جبير، وأبو حنيفة، رضى الله تعالى عنهم.

وكان أبو حنيفة ربّما ختم القرآن فى شهر رمضان ستين ختمة (١).

وحدّث أحمد بن يونس (٢)، قال: سمعت زائدة، يقول: صلّيت مع أبى حنيفة فى مسجده عشاء الآخرة، وخرج الناس، ولم يعلم أنّى فى المسجد، وأردت أن أسأله عن مسألة، من حيث لا يراني أحد، قال: فقام فقرأ، وقد افتتح الصّلاة، حتى إذا بلغ إلى هذه الآية (٣): ﴿فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ﴾. فأقمت فى المسجد أنتظر فراغه، فلم يزل يردّدها حتى أذّن المؤذّن لصلاة الفجر.

وروى عن يزيد بن الكميت (٤)،/وكان من خيار الناس، أنه كان يقول: كان أبو حنيفة شديد الخوف من الله تعالى، فقرأ بنا علىّ بن الحسن المؤذّن ليلة فى عشاء الآخرة (إذا زلزلت)، وأبو حنيفة خلفه، فلمّا قضى الصّلاة، وخرج الناس، نظرت إلى أبى حنيفة وهو جالس يفكّر، ويتنفّس، فقلت: أقوم، لا يشتغل قلبه.

فلما خرجت تركت القنديل، ولم يكن فيه إلا زيت قليل، فجئت وقد طلع الفجر، وهو قائم، قد أخذ بلحية نفسه، وهو يقول: «يا من يجزى بمثقال ذرّة خيرا خيرا، ويا من يجزى بمثقال ذرّة شرّا شرّا، أجر النعمان عبدك من النار، وما يقرب منها من السّوء، وأدخله فى سعة رحمتك».

قال: فأذّنت، فإذا القنديل يزهو وهو قائم، فلما دخلت، قال لى: تريد أن تأخذ القنديل؟


(١) هذا الخبر فى تاريخ بغداد ١٣/ ٣٥٧ عن يحيى بن نصر.
(٢) فى ط، ن: «يوسف»، والمثبت فى: ص، وتاريخ بغداد ١٣/ ٣٥٧.
(٣) سورة الطور ٢٧.
(٤) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٥٧.