وعن عبد الرحمن ابن أبى جميل، قال: كنّا حول ابن المبارك بمكة، فقلنا له: يا عالم المشرق حدّثنا، وسفيان قريب منا، فقال: ويحكم، عالم المشرق والمغرب وما بينهما.
وعن سفيان بن عيينة، قال: نظرت فى أمر الصحابة وأمر ابن المبارك، فما رأيت لهم عليه فضلا إلاّ بصحبتهم النبىّ ﷺ، وغزوهم معه.
وعن أبى إسحاق الفزارىّ، أنّه كان يقول: ابن المبارك عندنا إمام المسلمين. وفى رواية عنه: إمام المسلمين أجمعين.
وكان أبو إسحاق هذا يجلّ ابن المبارك، ويجلس بين يديه، ويسائله، ويستفيد منه، مع جلالة أبى إسحاق، وعلوّ قدره.
وسأله رجل مرّة عن [مسألة](١) فقال: هل كتبت فيها إلى إمام المسلمين. يعنى عبد الله بن المبارك.
وكان ابن مهدىّ يقول: كان ابن المبارك أعلم من سفيان الثّورىّ. وعنه أيضا أنّه قال: ما رأيت مثل ابن المبارك. فقال له يحيى بن سعيد القطّان: ولا سفيان ولا شعبة؟ قال: ولا سفيان ولا شعبة، كان ابن المبارك عالما فقيها فى علمه، حافظا، زاهدا عابدا، غنيّا، حجّاجا، غزّاء، نحويّا، شاعرا، ما رأيت مثله.
وعن عبد الله بن إدريس، كان يقول: كلّ حديث لا يعرفه ابن المبارك،/فنحن منه براء.
وعن ابن مهدىّ، أنّه كان يقول: ما رأت عيناى مثل أربعة: ما رأيت أحفظ للحديث من الثّورىّ، ولا أشدّ تقشّفا من شعبة، ولا أعقل من مالك بن أنس، ولا أنصح للأمّة من عبد الله بن المبارك.
وعن إسماعيل بن عيّاش، قال: ما على وجه الأرض مثل عبد الله بن المبارك، ولا أعلم أنّ الله ﷿ خلق خصلة من خصال الخير إلاّ وقد جعلها فى عبد الله بن المبارك.
وروى عن عبد الله بن المبارك، أنّه استعار قلما بأرض الشام، ونسى أن يردّه إلى صاحبه، فلمّا قدم مرو، رأى القلم فى أمتعته، فرجع إلى أرض الشام حتى ردّه إلى صاحبه.
وهذا من نهاية الورع، الذى لا مزيد عليه، رحمه الله تعالى، ورضى عنه، فما كان أزهده وأتقاه.