للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رملا ظريفا، فاسمعهما إنشادا إلى أن تسمعهما غناء. فقلت: يتفضّل الأمير، أيّده الله بإنشادى إيّاهما. فأنشدنى:

بى قمر جدّر لمّا استوى … فزاده حسنا وزالت هموم

أظنّه غنّى لشمس الضّحى … فنقّطته طربا بالنّجوم

فقلت: أحسنت والله أيّها الأمير. فقال: لو سمعته من زرياب كنت أشدّ استحسانا له. وخرجت هزار، فغنّته لنا فى طريقة الرّمل غناء شربنا عليه عامّة يومنا.

قال (١): وغضب هذا الغلام عليه، فجهد أن يترضّاه، فلم يكن له فيه حيلة، ودخلت إليه فأنشدنى:

بأبى أنت قديما قد تما … ديت فى الهجر والغضب

واصطبارى على صدو … دك يوما من العجب

ليس لى إن فقدت وج … هك فى العيش من أرب

رحم الله من أعا … ن على الصّلح واحتسب

/قال: فمضيت إلى الغلام، ولم أزل أداريه، وأرفق به، حتى ترضّيته له، وجئته.

به، فمرّ لنا يومئذ أطيب يوم وأحسنه، وغنّتنا هزار فى هذا الشّعر رملا عجيبا.

وحدّث عبد الله (٢) بن موسى الكاتب، قال: دخلت على عبد الله بن المعتزّ، وفى داره طبقات من الصّنّاع، وهو يبنيها ويبيّضها، فقلت له: ما هذه الغرامة الجادّة؟ فقال: ذلك السّيل الذى جاء من ليال، أحدث فى دارى ما أحوج إلى هذه الغرامة الجادّة والكلفة، فقلت (٣):

ألا من لنفس وأحزانها … ودار تداعى بحيطانها (٤)

أظلّ نهارى فى شمسها … شقيّا معنّى ببنيانها (٥)

أسوّد وجهى بتبييضها … وأهدم كيسى بعمرانها (٦)


(١) الأغانى ٢٨٢،١٠/ ٢٨١، ومعاهد التنصيص ٤٠،٢/ ٣٩.
(٢) الأغانى ١٠/ ٢٨٣، ومعاهد التنصيص ٢/ ٤٠. وفى النسخ: «عبيد الله».
(٣) الشعر فى: أشعار أولاد الخلفاء ١١٦، ديوانه ٩٣،٢/ ٩٢، معاهد التنصيص ٢/ ٤٠.
(٤) فى الأشعار والديوان: «تداعت».
(٥) فى الأشعار: «شقيا لقيا».
(٦) فى الأشعار: «تسود وجهى … وتخرب مالى». وفى الديوان: «لعمرانها».