للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروى (١) أنّ أبا جعفر المنصور بعد أن حبسه دعاه يوما، وقال له: أترغب عن ما نحن فيه؟.

فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، لا أصلح للقضاء.

فقال له: كذبت.

ثم عرض عليه الثانية، فقال أبو حنيفة: قد حكم علىّ أمير المؤمنين أنّى لا أصلح للقضاء، لأنّه نسبنى إلى الكذب، فإن كنت كاذبا فلا أصلح، وإن كنت صادقا فقد أخبرت أمير المؤمنين أنّى لا أصلح.

فلم يقبل منه وردّه إلى الحبس، فأقام به إلى أن مات فيه، على الصحيح من الرّوايات.

وحدّث عبّاس الدّورىّ (٢)، قال: حدّثونا عن المنصور، أنه لما بنى مدينته، ونزلها، ونزل المهدىّ فى الجانب الشّرقىّ، وبنى مسجد الرّصافة، أرسل إلى أبى حنيفة، فجئ به، فعرض عليه قضاء الرّصافة، فأبى. فقال: إن لم تفعل ضربتك بالسّياط.

قال: أو تفعل؟!

قال: نعم.

فقعد فى القضاء يومين فلم يأته أحد، فلما كان فى اليوم الثالث أتاه رجل صفّار ومعه آخر، فقال الصّفار: لى على هذا درهمان وأربعة دوانيق، ثمن تور (٣) صفر.

فقال أبو حنيفة: اتّق الله، وانظر فيما يقول الصفّار.

قال: ليس له علىّ شئ.

فقال أبو حنيفة للصّفّار: ما تقول؟


(١) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٢٨.
(٢) فى الأصول: «الدورقى»، وهو خطأ، صوابه فى تاريخ بغداد ١٣/ ٣٢٩.
(٣) التور: إناء يشرب فيه. القاموس (ت و ر).